حصاد الحب -بقلم اسلام الحادي - القصة الفائزة بالمركز الاول في مسابقة خمائل لعام2015
حصاد الحب - اسلام الحادي
====
عندما تتهادى النسمات في موكب الندي المشرق تداعب أوراق الأشجار وتسعد الأغصان سعادة الأطفال لحظة سقوط الأمطار .. تهتز أصوات العصافير فرحاً وتشعر بنشوة العائد إلى الحياة بعد رقاد طويل .. أجلس في شرفتي المطلة علي حديقتنا التي هجرناها منذ زمن بعيد مازالت تحتفظ بجمالها الساحر غير أن الأشجار قد ظهر عليها بعض علامات الشيخوخة .. أتحسس خصلة من شعري الذي اشتعل باللون الأبيض لم أعد ممشوقة القوام ولم يعد يتضوع مني عبير الزهور الذى يسكر الأفئده كما في سابق عهدي .. لابد أن أقر واعترف قد فعلها الزمن ولعب لعبته الوضيعة مع كل من هم في مثل عمري ولكنني منذ أن عدت قررت أن لا أرى إلا ما أريد ولا تقع عيني على ما أكره .. شخصت ببصري طويلاً استرجع حصاد السنين استنشق الهواء وأحبسه بين ضلوعى لعله يعيد إلى خاطري فيضاً من رذاذ الذكريات العبقه .. مر أمام الدار يمشي بجانب السور نعم إنه هو إذا أخطئت عيناي فلايخطىء قلبي أعرفه كما أعرف ابنائي عينان سوداوان تلك القسمات التي تفيض رقة وعذوبة وذلك القلب المحمل بالاحلام والشاعرية أول ما خط قلمه كان إهداء عندما أهدى إلي كتاب مازلت أحفظ هذا الإهداء كإسمي كتب فيه يقول ( إلى سري الذي يظل في الجوانح دائماً ... إلى عمري الذي ضاع مني قبل أن القاء أهدي اليك هذا الكتاب ) يالها من كلمات كان لها مفعول السحر كم مرة قرأتها بل كم مرة لم أقرأها وأدخل عولم لم تطئها قدمي من قبل .. كنت بالنسبة له الحياه ومن فيها بمدها وجذرها بأفراحها وأتراحها .. بدا لي أنني قانعة وراضية ولكن فور إتمام دراسته سافر إلي بلدته التي جاء منها ليعمل ورغم أنه ذهب ولم أعد أراه ولكن نوره لم يخمد لحظة واحده في قلبي وبعد مرور فترة ليست بالقصيرة رأيته يجلس بجانب فتاه أمام منزلنا .. إشتعلت نيران الغضب بداخلي واضطرب قلبي اضطراباً شديداً لدرجة أنه كاد أن ينزلق بين ضلوعي اقتربت بوجه انتشرت بصفحاتة سمات الحنق والانتقام فإذ به يعتدل في جلسته ويعرفها لي بأنها الأخت الكبري جاءت لتلقى العلاج بالعاصمة كانت تلك الكلمات كالثلج تساقط علي قلبي فاطمئن ومضت الأيام سريعاً وكنت أعرف أنه في أول الطريق ولم يكن لديه ما يقيم أود حياة زوجيه سعيدة ولكن هذا الأمر كان يختلج دائما بصدري حيث انني من أسرة ميسورة الحال أعلم أنني كنت جواد جموح لدي طموحات عالية ولكنه يحبني أعود وأذكر أن الحب وحدة لايكفي ثم أنني بدأت أرى فيه بعض الخنوع والسلبية وعدم الطموح فهو دائما قانعاً راضياً بما هو فيه ولايتطلع إلى الأفضل بدون أن أشعر أصبح وهج الحب ونيرانه المستعره وصروحه الأبية الشامخة على وشك الإنهيار بعدما جاء وتقدم لخطبتي صاحب النفوذ والسطوه والطموح شاب أسمر اللون طويل القامه تشع عيناه ذكاء وحنكة بعد المقارنات العديده لم تكن في صالح من أحبني رفعت المتقدم لي إلى الذرى وخفضت الآخر إلى الحضيض .. تزوجته وسافرت معه هناك إلي بلاد النفط حيث المال والثروة جمعت كل شيء أصبحت مادية التفكير نقدية النزعة كل شيء يحسب وكل شيء يمكن أن يباع ويشتري مر ذورق الحياه ولكن الروح مازال بها أنين ولمحات من حزن دفين لم يعد ظاهراً ولكنني أشعر به حين تمر على اسماعي أغنية يتردد صداها في أذني أو أرى بعض الشعراء في محافلهم الرومنسيه الحالمة .. دخل علي ذات يوم ليخبرني بأنه قد حصل علي عقد أفضل بأجر لم يكن يحلم به حتى علي وسادتة كان في أحد البلاد الأوروبية قرر الذهاب بمفردة وأن نعود إلى أرض الوطن لفترة ثم أعود لأسافر إليه بعد ترتيبة لشئوني فى تلك البلد تأخر كثيراً ولم يعد يرسل أى رسائل ولم أعرف أى شيء عنه إلى أن علمت أنه تزوج من تلك البلد ليحصل علي الجنسية وما أن علمت حتى كانت الفاجعة الآن وبعد صراخ وعويل ونحيب طلبت الانفصال فوافق على الفور ... إبتسمت لمرور كل تلك الذكريات ابتسامات دامعة حزينة وأما هو فمر من أمامي دون القاء نظرته المعتاده لحظات وابتلعة الشارع والكتل الساخنة من لحوم البشر المتدافع .. تأملت الأرجوحه التي أصبح صوتها منزعج للغاية لتراكم الصدأ عليها وبعض الشجيرات والزهور الذابلة
----القصة فائزة بالمركز الاول في مسابقة خمائل الادبية لعام 2015